vendredi, septembre 25

قبل أن يخسر المغرب أبناءه

عندما تم الإعلان عن المجلس الأعلى للجالية في الخطاب الملكي بمناسبة الذكر الثلاثين للمسيرة الخضراء استبشر أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج خيرا وظلوا ينتظرون ، هذه الخطوة المتمثلة في المجلس الأعلى للجالية بفارغ الصبر ، وبترقب وأمل كبيرين،والتي لا محالة كانت ستشكل الخطوة الأولى على درب التعاطي الإيجابي مع قضايا الجالية التي عانت ولا تزال تعاني من عدة مشاكل نتيجة التطورات التي شهدها العالم وأثرت بشكل كبير على وضعية المغاربة في بلدان المهجر.
فرغم مرور أكثر من نصف قرن على أولى الهجرات المغربية للخارج ما زلنا نتحدث عن مشاكل تربية الأبناء وتعليمهم لغة وطنه، وغلاء تذاكر السفر، وعن عقلية القائمين على القنصليات التي لم تتغير لكي تساير الحداثة والديمقراطي، فضلا عن الإقصاء من التمثيلية للمهاجرين .

وعن انعدام المراكز الثقافية و عدم الاستثمار المادي الكافي لصالح المهاجرين بالخارج ، وعدم تخصيص نسبة ولو ضئيلة من مداخل المهاجرين من العملة، لتطوير الموانئ البحرية للاستقبال التي لا زالت كما تركها المستعمر ولم تتطور وكذا تفاهة البنية التحتية لمراكز الاستقبال التي تعتبر موسمية في حين أن عودة المهاجرين لا تنقطع طيلة السنة.
وقد استبشر مغاربة العالم خيرا ساعتها، بالخطاب الملكي الذي أقر بأن الانتخاب هو الأصل وأن تعين مجلس يعتبر مرحلة أولى في طريق التهيئ لمجلس منتخب يمثل كل حساسيات الجالية، كما تفاءلت الجمعيات الممثلة للجالية خيرا من التوجيهات الملكية السامية التي وجهها جلالته إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، من أجل أخذها بعين الاعتبار وذلك حتى يخرج هذا المجلس كما أراده صاحب الجلالة ممثلا لكل فعاليات الجالية معبرا عن تنوع مشاربها، ومشكلا لقوة اقتراحيه تشكل المنطلق لبداية موفقة بإذن الله في رد الاعتبار للجالية المقيمة بالخارج ومستجيبة لحاجياتها الملحة،وتسهل انخراط هذه الفئة في المسلسل التنموي الذي يعرفه المغرب.
لكن للأسف الشديد جاءت التشكيلة مخيبة للآمال و تحمل العديد من الأعطاب التي انتهت بهذا المجلس إلى المآل الذي يعرفه الجميع واتسعت الهوة من جديد بين المغرب وأبناءه من الأجيال الجديدة من أبناء المهاجرين، فقد كان مغاربة الأمس على الأقل مجتمعون في جمعيات ومنتديات ولكن اليوم نجد أن هناك شريحة واسعة من الجيل الثاني والثالت قد فقدت ما تبقى من ثقتها بالوطن وبدأت تبحث عن وجهات أخرى لتصريف همومها ومشاكلها.
والخطير في الأمر أن الجالية أصبحت تتكتل على أساس عرقي فالجالية المنحدرة من الريف أصبحت تشكل لوبيا خاصا بها وأصبحت تعلن ورقة الحكم الذاتي والمنحدرون من سوس شكلوا تجمعات خاصة بهم، كما بدات تظهر بوادر تشكل لتنظيم جمع أبناء الأطلس المتوسط.
والصحراويون كذلك، والخوف كل الخوف من ان يتعمق انقسام المغرب على نفسه وأن يكون إهمال الجالية سببا في ذلك.
لأنه لا يدري أحد أين تذهب أموال الجالية عندما لا توفر لها طرق الشفافية والوضوح التي تجعلها استثمارات واعدة بدل أن يعرقلها المسؤولين الإداريين على مستوى العمالات وبعض سماسرتهم من المنتخبين الجماعيين.
فالأمور تزيد كل يوم تعقيدا لأنه لا يمكن تصور السرعة التي تسير بها التحولات الاجتماعية في بلاد المهجر التي تشتغل في اتجاه محو أية روابط بين المواطن القادم من الجنوب وجعله يذوب بشكل مشوه في المجتمع الغربي الذي يبقى رغم كل المحاولات جسدا يرفض أي جسم غريب عنه.
لذلك وجب تدارك الطريقة الحالية التي يتم بها التعاطي مع قضايا الجالية قبل أن يخسر المغرب رهان التواصل الفعال مع الجالية والذي لا ينكر أحد انعكاساته الإستراتيجية على مستقبل المغرب.
وهناك مقاربات آنية وأخرى مستقبلية ،الآنية تتلخص في جعل وزارة الجالية أساسية وليست ثانوية وتخصيص ميزانية محترمة لها لان ما هو موجود الآن كميزانية للوزارة نعتبرها أضعف ميزانية بالنسبة لباقي الوزارات ، بعكس ما تضخه الجالية على خزينة الدولة وهذا يعتبر حيفا كبيرا في حق المهاجر .
مستقبلا وضع أسس سليمة وديمقراطية تجعل المهاجر ينتقل إلى الفعل السياسي والوطني عبر تمثيليته في البرلمان بشكل ديمقراطي وشفاف .وعدم إدخاله في متاهات التطاحن السياسي الذي تشهده الساحة السياسية الوطنية.

محمد أوباسو